"إسرائيل" تحاول التسلل

أشترك ليصلك جديد موسوعة المعلومات !



بدأت "إسرائيل" كعادتها تدخل على خط الربيع العربي انطلاقاً من لبنان وسوريا، وسعت مؤخراً إلى العمل على استثمار تداعيات الأزمة السورية من أجل حشر أنفها في مسار هذا الربيع الطاهر، الذي قام على أسس تدعو إلى الثورة على الظلم والطغيان والاستبداد الداخلي؛ وترفع لائحة مطالب رئيسة تنادي بضرورة استعادة الحقوق العربية المشروعة وفي مقدمها حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وتحرير كل الأراضي العربية المحتلة في كل من سوريا ولبنان.

وقد سعت الإدارة "الإسرائيلية" إلى استثمار حادثة التفجير الانتحاري الذي استهدف السيّاح "الإسرائيليين" في بلغاريا، من أجل استعادة زمام المبادرة في المنطقة والتغطية على ملف المفاوضات المتعثرة على المسار الفلسطيني، بسبب إصرار قادة تل أبيب على مواصلة مسلسل الاستيطان في الضفة الغربية ومحيط مدينة القدس.

وقد شهد هذا التسلل "الإسرائيلي" منعرجاً خطيراً ومفتوحاً على كل الاحتمالات، بعد أن صرّح وزير حرب الكيان الصهيوني أن حكومته تدرس إمكانية التدخل عسكرياً في سوريا من أجل منع وصول أسلحة كيماوية وصواريخ متطورة من الجيش السوري إلى قوات حزب الله.
وبالرغم من كل ذلك فإن هناك أسباباً ومؤشرات عديدة تدفعنا إلى الزعم أن قيام "إسرائيل" باتخاذ مثل هذه الخطوة تقف دونه محاذير كثيرة، تتعلق بإمكانية نشوب حرب شاملة في المنطقة، لأن السوريين على اختلاف أطيافهم سواء كانوا من المعارضة أو مصطفين خلف النظام، لا يمكنهم أن يقبلوا بمثل هذا التدخل العدواني.

كما أن النظام الرسمي العربي لا يمكنه أن يسمح "لإسرائيل" أن تعتدي على دولة عربية بحجم سوريا، كانت ومازالت وستظل مستقبلاً، تلعب دوراً محورياً في معادلة الصراع العربي الصهيوني، ولا يمكن - في اعتقادنا- أن يعوّل الصهاينة على الصعوبات الداخلية التي تواجهها الكثير من البلدان العربية من أجل تنفيذ مخططاتها، لأن الثورات العربية أثبتت للجميع أن كلمة الفصل هي الآن للشعوب وليست للأنظمة، ولا يمكن لشعوب أسقطت أنظمة ديكتاتورية عتيدة، أن تسمح "لإسرائيل" بالتسلل إلى عمق الجسد العربي في سوريا.

والواقع أن "تل أبيب" مازالت تُفصِح من خلال ردود أفعالها المباشرة، أنها تراهن على الوقت وعنصر الزمن، وعلى التحولات الظرفية والمرحلية التي تحدث في المنطقة؛ وبالتالي فليس من المستغرب أن تأخذ مواقفها الأخيرة هذا المنحى التصعيدي، قياسا بمواقفها السابقة في أوج لهيب الثورات العربية في كل من تونس ومصر، عندما كانت تحرص على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لجيرانها، حيث بدا للكثيرين -في حينها- أن حكومة نتنياهو قد تحوّلت فجأة من تكتل للصقور إلى تجمع لحمائم السلام، وتحديداً عندما حرص نتنياهو في خضم أزمة السفارة "الإسرائيلية" في القاهرة على انتقاء ألفاظه بعناية فائقة، من أجل وصف ما كان يحدث في محيط سفارة دولته.

وتدفعنا كل هذه المعطيات إلى القول إن القيادة "الإسرائيلية" تحبّذ أن تقرأ المشهد العربي المتعلق بالأزمة السورية بشكل منقلب وكأنه بات يمشي على رأسه، اعتقاداً منها أن جذوة الثورات العربية قد بدأت في الخفوت والتراجع، وأن سقف التوقعات المرتبط بها، بدأ هو الآخر في الانحدار، نتيجة الأزمات الهيكلية التي تعاني منها الدولة العربية المعاصرة.

ومن ثمة فإن هذه القراءة "الإسرائيلية" المتعجلة لا تختلف- في جوهرها- عن تحليلاتها واستقراءاتها السابقة للمشهد العربي، رغم المفاجآت الكبرى التي قضّت مضاجع قادتها في العديد من المواقع وفي أكثر من مناسبة، فهذا النوع من القراءة يجعل أصحابها يتعاملون مع أمانيهم وكأنها حقائق قابلة للتجسيد العملي المباشر، ومن غير المستبعد أن تؤدي أي مغامرة صهيونية، إلى إشعال حرب قاسية ومدمّرة ، فالمنطقة برمتها باتت تموج فوق سطح صفيح ساخن.

لقد دنّست التصريحات "الإسرائيلية" الأخيرة حول ضرب سوريا، الأحلام البريئة لشباب الثورات العربية الذين يطمحون إلى مواصلة مسيرة التغيير ولن نبالغ إذا قلنا إن هذا التسلل المنبوذ من قبل قادة "تل أبيب" في أحداث الربيع العربي، كان له وقع الصدمة بالنسبة لهذا الشباب العربي الثائر الذي ستظل تمثل بالنسبة إليه، القضايا المصيرية المرتبطة بالأمن القومي العربي، خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه.

ويجب أن لا نستبعد بالتالي، أن تكون الخطوة المقبلة للثورات العربية، هي شحذ الهمم واستعادة الوعي العربي من أجل القيام بزحف جماهيري شامل، يُفضي إلى تحرير فلسطين ونصب أعلام العروبة فوق أسوار القدس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخليج الإماراتية

تعديل الرسالة…

تذكر قول الله تعالى :(مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

المشاركات الشائعة

انضم لاسرت معلومة